قصة داعشي من تاونات
أحمد المتوكل كاتب وباحث من تاونات
اسمه عبد الرحيم الكساكس، ينحدر من إحدى الدواوير القريبة من مركز جماعة بوهودة التابعة لإقليم تاونات، كان حاصلا على شهادة الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة فاس، عانى من البطالة لسنوات، واشتغل معلما عرضيا بنيابة تاونات، وبعد ذلك أدمج في سلك التعليم فعين أستاذا لمادة التربية الإسلامية بالثانوية الإعدادية لبوهودة.
عرفتُه لما كنت أعمل إماما وخطيبا بالمسجد الأعظم بتاونات حيث كان يسكن بحي تاونات العتيقة، فكان يصلي معنا كسائر الناس، فكان يحدثني – حسب رأيه – عن انحراف الناس عن الإسلام، وعن فساد عقيدتهم وضلالهم، وكفرهم وقبولهم بالكفر حين يتحاكمون لغير ما أنزل الله، وخضوعهم للقوانين الوضعية ورضاهم بالديموقراطية التي تعطي للبشر حق تشريع القوانين غير الشرعية المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله.
كان متشبعا جدا بالفكر الجهادي التكفيري التدميري التفجيري ومعجبا به ومدافعا عنه، فكان يستدل بكلام نصوص ابن عبد الوهاب وابن تيمية وبآراء علماء السلفية الجهادية، والحل الوحيد الذي كان يراه لإقامة الحياة الإسلامية واستقامة المسلمين على الدين وتغيير القوانين الوضعية واستبدالها بالشريعة الإسلامية، وردع الكفار والمخالفين هو الجهاد بالسيف والقتال بكل الوسائل الممكنة، فكان يشيد بعمل “مجاهدي القاعدة” وبأعمال أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وغيرهم من قادة تنظيم القاعدة.
كما كان يكفِّر العلماء وعامة الناس لأنهم لا يكفرون الكافر، ومن لم يكفر الكافر فهو كافر حسب ما يعتقده، وكذلك الحكام الذين لا يحكمون بشرع الله حسب رأيه، والمحكومين لأنهم يقبلون التحاكم إلى القوانين الوضعية التي هي من صنع البشر، كما كان يكفر المتصوفة وشيوخ الزوايا كلهم وأتباعهم وقادة الحركات الإسلامية الذين يعتمدون على الديموقراطية كآلية للوصول للحكم.
وكان يرى ضرورة هدم الأضرحة لأنها مواطن للكفر والشرك والزندقة والانحراف العقدي، ولأنها تساهم في نشر البدع والضلالة وعبادة غير الله.
كان يرى العمل بالعقود والقوانين المخالفة للقرآن والسنة إقرارا بالكفر ورضًى به، لذلك فسخ عقد الزوجية الذي كان يربطه بزوجته التي كان له منها أبناء وطلقها، فتشتت أسرته، ثم تزوج بعد ذلك بثانية بعقد زواج عرفي.
ولنفس السبب استقال من مهنة التعليم حتى لا يعمل في مدارس الكفر – حسب رأيه – متعاقدا بقوانين كفرية.
فنزح بعد ذلك إلى مدينة فاس وفضل مزاولة التجارة على العمل في الوظائف الرسمية الحكومية.
عُرف بشدة تعصبه لرأيه ودفاعه المستميت عنه فكان لا يتنازل عن رأيه أبدا، ولا يقبل بحجة غيره مهما كانت صوابا، ولا يعترف بعلم علماء المغرب المشهود لهم بغزارة العلم والتقوى والصلاح، بل يعتبرهم كفارا أيضا.
في آخر أيامه بتاونات انعزل وانغلق على نفسه، فهجر الصلاة مع المسلمين في المسجد الذي كان يسكن بجانبه، وترك الأكل من ذبائحهم لأنه كان يراهم كفارا، حكى لي ذلك أحد الذين حاوروه ونصحوه لما رآه على تلك الحال فرفض رأي الناصح، وبقي متشبثا بأفكاره.
وروى لي أحد أصدقائه القدامى أنه في آخر أيامه أصبح أكثر تشددا من ذي قبل، منعزلا، عابس الوجه مكفهرا، عليه سُحنة التكفيريين، وانضم إلى جماعة الهجرة والتكفير، فأصبح يرى وجوب الهجرة من ديار “الكفر وعدم المكوث بين القوم الكافرين” إلى بلاد يقام فيها شرع الله حسب رأيه دائما.
اعتقل عدة مرات في فاس وأجريت معه عدت بحوث أمنية وتحقيقات بوليسية وكان يطلق سراحه بعد ذلك.
ولما ظهرت “دولة داعش” بالعراق وسوريا سارع إلى الهجرة إليها والانضمام إلى صفوف مقاتليها، فقتل هناك شهيدا على دين داعش، ومؤخرا نشر موقع تاونات نيوز خبر انتقاله إلى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” فانضم إلى صفوفها مقاتلا فقتل هناك.
والأسئلة المطروحة التي ينبغي أن تطرح: كيف أغفلته أعين الأمن التي لا تنام؟، وهل خرج بجواز سفر حقيقي أم مزور؟ وهل غادر المغرب عبر الحدود الرسمية أم عن طريق الصحاري والبراري؟.
التدوينة قصة داعشي من تاوناتظهرت اولا على ZINAPRESS.